ادب المقاومة و المقاومين كتابات إلى كل مناضل ..إلى نفسي إحياء لمقاومتها صبرا على الآفات إلى كل صادق في هدا البلد الذي أظناه الغباء وسلطة الأفراد إلى روح الجماعة ..إلى امرأة ..إلى سمش ..إلى روح الجماعة إلى عنادي الذي علمني الرفض ودفع الضرائب إلى القلم الذي أنجب مني الكلمات وأنجبت منه المعاناة

الثلاثاء، 9 سبتمبر 2008

" شباب أم عبيد في سوق الاستثمار؟ "

"سياسات البنك الدولي

شباب أم عبيد في سوق الاستثمار؟ "

تقديم:

اصدر البنك الدولي تقريره السنوي حول الشباب ،في سياق تحتد فيه آثار الهجوم النيوليبرالي ، وحملات إعلامية تدعو إلى تكثيف استثمار الموارد البشرية ببلدان العالم الثالث، معبرا عن أمله في أن تتمكن من توظيف نموها الديمغرافي العريض لصالح متطلبات السوق العالمية بخلق مليون فرصة عمل في أفق 2020، بالمقابل وازته تقارير دورية للعديد من المنظمات العالمية ،تشير إلى خطورة أوضاع شعوب الجنوب وانعكاسات املاءات المؤسسات المالية عليها ، حيث الأطفال و الشباب إلى جانب النساء القبلة الأساسية للاستغلال ، وبنفس القوة الدافعة للمؤسسات المالية في استثمار طاقة الشباب ، يبدي فيه البنك الدولي ومؤسساته تخوفاته من ردود أفعالهم الرافضة .

1- في البحث عن العبيد الجدد

يربط البنك الدولي في تقريره السنوي بين النمو الديمغرافي للشباب وبين احتياجات الرأسمال ونهم الشركات العابرة ،حيث يشكل الشباب و الأطفال في البلدان النامية نصف الساكنة بعدد يصل إلى 1.3 بليون ، وهي اكبر شريحة يشهدها التاريخ البشري (1) بمعدل يصل إلى 85%من الأعمار المتراوحة بين 15-24 سنة تعيش في البلدان النامية . إنها فرصة تاريخية كما يراها الرأسماليون للاستفادة من جيش احتياطي يقوم على أنقاض استقرار سوق الشغل (فرض عقد الشغل المؤقتة – تشجيع القطاعات الغير المهيكلة – تفكيك الوظيفية العمومية لصالح القطاع الخاص – تفكيك الأنظمة الاجتماعية..) ، تؤكده دراسات متعددة لخبراء صندوق النقد الدولي و البنك الدولي، تراهن على رفع الشباب المتعلم البلدان النامية لمعدل الإنتاج والدفع بعجلة الاستثمارات الأجنبية ، حيث يمثل الشباب وحده في آسيا 55.7%من اليد العاملة من أصل 633 مليون (2)يعاني اغلبهم من العمل في شروط مجحفة بالقطاعات الغير المهيكلة أو في القطاعات الزراعية ، ويعاني أزيد من90% من 40 مليون شاب في نيجيريا و زامبيا من الفقر بنفقة اقل من دولارين في اليوم ، لساكنة يعيش 75% منها بأقل من دولار في اليوم حسب إحصاءات PNUD (على عكس ما صرح به البنك الدولي بحصر العدد في 41.7%)

إنها أرقام تغري الرأسمال على المزيد من تكثيف استغلال ، ودعوة مستمرة لحكومات البلدان النامية على ضرورة إعداد يد عاملة رخيصة قابلة للتسويق تتوفر فيها شرط المرونة والمؤهلات المهنية الملائمة لمتطلبات السوق ،ودعم تنقلات الرساميل، وتخلصها من القطاع العام الذي يغطي 20%من الناتج الإجمالي المحلي في البلدان النامية و في دول الخليج يصل إلى 80%، متهمة إياه بالعجز عن خوض غمار الاستثمار وفشله في تقديم إجابات للإشكالات الاجتماعية الناتجة عن أزمة الدين ، ممهدة لإصلاحات جديدة(خوصصة- تفكيك القوانين ومختلف الضمان الاجتماعي –ضرب استقرار الشغل- تحرير أسعار الصرف -...) . ترمي إلى سحب دور الدولة الراعية لحقوق الأفراد و الجماعات وربطها بتطورات تنافسية السوق. وتبني إصلاحات في الوعاء الضريبي ، مما يزيد في تعميق الفوارق الاجتماعية، و قد سبق لمؤسسة فريدريك ابيرت الخيرية أن نشرت دراسة(3) بعدما قام صندوق النقد الدولي دراسة على أصداء سياساته " تؤكد أن المنافسة على خفض الضرائب تؤدي إلى خفض إمكانات الحكومات على الاستمرار في تمويل متطلبات التكافل الاجتماعي "تناولت هي الأخرى انعكاسات العبء الضريبي على النفقات الاجتماعية ،خلصت إلى :

· تبني ضرائب تصاعدية و اقتطاعات متصاعدة في التامين الاجتماعي والصحي أثقلت كاهل الأسر العاملة ودوي الدخل المنخفض.

· تشجيع التهرب الضريبي لدوي الدخل المرتفع ودوي المشاريع يساهم في إضعاف الميزانيات العامة

· تعميق الفوارق الاجتماعية: في 1960 شكلت الضرائب على أجور العاملين 12% في حين بلغت اليوم 33% في مقابل انخفاض الضريبة على أرباح الشركات من 34%إلى 18% .

أطلقت بعد إقرار الحكومات التبعية الفاسدة لعجزها عن تدبير أزمة اقتصادياتها ، حملة عمليات ضخ هائلة للأموال المرتدة ، تتجه من الشمال إلى الجنوب وأيضا العكس من دلك (4)،همت بالضرورة إجراء إصلاحات هيكلية على المعاملات التجارية وإقرار إلغاء التعريفات الجمركية في شكل استثمارات أجنبية ، بلغت سنة 2006في إفريقيا 36مليار حيث سجل تراجع حصتها من الاستثمار الأجنبي المباشر العالمي 3,7%مقارنة مع سنة 2005 بنسبة 3,1%، إلا إن هده التدفقات العالمية للرأسمال عكس ما يدعيه البنك الدولي في توفير فرص عمل قارة ، لم تعمل إلا على مراكمة البلدان الشمال للأرباح، بالنظر إلى ما تحوله الحكومات النامية إلى بلدان الثالوث الغنية في إطار خدمتها للديون الخارجية و التزاماتها بخفض النفقات العمومية ، بلغت 240ملياردولار ما بين 1995و2001، ، وهي العملية التي يصطلح عليها إيريك توسان ب" دوامة الديون الجهنمية " (5)في حين أبدى منها التقرير الصادر عن الاونكتاد تخوفاته " من حيث ميلها إلى اتخاذ أفق زمني قصير نسبيا ، وقد أثار دلك بعض المخاوف ، وبخاصة فيما يتعلق بحل الشركات المشتراة و تسريح العاملين فيها " حيث تعمل على ضرب استقرار سوق الشغل – استدامة عطالة اليد العاملة وجعلها جيش احتياطيا يهدد مكتسبات الطبقة العاملة وتكبيل أسلحته النقابية ، ويمثل شباب بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا اكبر معدلات البطالة بنسبة تصل إلى 47%من عاطلي العالم و بنسبة 40%من اليد العاملة النشيطة، تحثل النساء فيها نسبة 25.1%اغلبهن يعانين من التمييز و استغلال الشركات المتعددة الجنسية المفرط لقوة عملهن عبر العمل المزدوج في القطاعات الغير المهيكلة والخدماتية و القطاع الزراعي (حسب إحصاء ود في تقرير اللجنة الاقتصادية للأمم المتحدة يشتغل 60%من اليد العاملة بإفريقيا في قطاعات زراعية غير مهيكلة) أي بمعدل فرصة عمل لكل من أصل ثلاثة متنافسين ، في شروط تنعدم فيها الحماية القانونية ، لما تتضمنه الاتفاقية الدولية حول الاستثمار MAI ،بحق الشركات العالمية الكبرى مطالبة الحكومات بتعويض مالي جراء حصول خلل في نشاطها حتى وان ارتبط الخلل بإضرابات عمالية مشرعة دستوريا..تنتج عنها ثلاثة عمليات تمهيدية لاستقبال الرساميل المتنقلة (6):

1- تفكيك القطاع العمومي وميل القطاع الخاص إلى التخفيف من ثقل أعباء اليد العاملة .

2 - تفكيك المقاولات المحلية(تمثل قطاعات المانيفاكتورا و النسيج14 % من الناتج الداخلي الخام في البلدان النامية ). وإعادة هيكلتها على أسس تبعية للشركات الكبرى ومكثفة لاستغلال قوة العمل ، ومشجعة الإجراءات التعسفية و التسريحات الجماعية

3- تفكيك الميزانيات العامة بالحجر على خلق فرص الشغل الجديدة و الامتناع عن تعويض الخصاص المهول في المناصب الشاغرة بفعل التقاعد والوفيات و المغادرات الطوعية أو المبنية على اتفاق تعويض ....بمناصب بديلة .

وهكذا يمضي البنك الدولي في نشر أوهامه للأجيال القادمة من الشباب حيث يتوقع أن تصل أعداد العاملين في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إلى 104مليون سنة2000 وإلى 146مليون عامل في أفق سنة 2010 و إلى 185مليون عامل في أفق 2020 يشترط فيهم التعليم الموجه ، وتتبدد الادعاءات باستحضار شريط تطور العمالة في المنطقة و في العالم بالنظر إلى انعكاس تفكيك القطاع العام لصالح القطاع الخاص وما صاحبه من تفكيك لقوانين الشغل وتطور عمليات الإجهاز على مكتسبات الطبقة العاملة ، أهمها تدمير فرص الشغل القارة ، تدمير صناديق التقاعد و الضمانات اجتماعية، في اتجاه مستقبل يمنع أي مراقبة مؤسساتية دولاتية على قانون الشغل ، بل تحولها بمبدأ الاتفاقيات الدولية إلى شرطي يضمن نجاعة الاستثمارات ، على حساب التسريحات الجماعية وعدم تضمين لوائح الضمان أو التامين الاجتماعي بلوائح العمال الغير مصرح بهم ، كما أن ميول الشركات الكبرى إلى الاستغلال سيتهدد أجور العاملين و سيدفع في اتجاه خلق مناصب شغل بالمداومة.

. إن حقيقة البنك الدولي لا تختلف في شيء عن صندوق النقد الدولي حيث ينطبق عليه ما صرح به الاقتصادي ستيغليس : "لم يعد الصندوق يخدم مصالح الاقتصاد العالمي بل صار يلبي مصالح عالم المال ".

وهو ما يفسر وجهة الشركات العابرة للقارات صوب القطاع الخدماتي و الصناعي لما له من مردودية في الربح ، وحث الدولة للتخلي عن مباشرتها للقطاعات العمومية ، بدعم من صندوق النقد الدولي لما له من قوة وتأثير كتوظيف آلية الديون للضغط على الأطراف المستدينة ، ومن جهة أخرى تمكن الاتفاقيات المصادق عليها باسم منظمة التجارة العالمية (7)، من منع أي إمكانية لاتخاذ الحكومات الإجراءات الاحترازية حتى وان تهدد استقرارها الاجتماعي ،وهكذا ثم فرض في ظرف وجيز 147 تغيير وتعديل على السياسات العامة بغية فتح الأسواق المحلية في حين قارب عدد الاستثمارات الدولية5500 اتفاق سنة 2006 من بينها 2573معاهدة استثمار ثنائية و 2651 معاهدة ضريبة مزدوجة ، و 241اتفاقا للتجارة الحرة ، بالتالي سجل في عام 2006 تسارع عمليات إنتاج السلع والخدمات خارج منشأ ل 78000 شركات عبر وطنية يقابلها نفس العدد لفروعها الأجنبية بنسبة 18%، بنسبة 10%من الناتج المحلي الإجمالي العالمي حيث تحتل الشركات المتعددة الجنسية ذات المنشأ بالولايات المتحدة الأمريكية أهم رصيد في الاستثمارات الخارجية. جعلت كبير اقتصاديي UNICTAD هاينز فلاسبك يتنبأ إلى أن " التحرير السريع للأسواق سيؤدي بالنسبة للمصانع الحكومية على وجه الخصوص إلى نتائج مدمرة " انطلاقا من كون هده الأخيرة كانت تشغل 47%من اليد العاملة في التسعينيات.

2- التعليم والتكوين المهني ومتطلبات الاستثمار الأجنبي

تشير الإحصائيات إلى أن نسبة المتمدرسات في الطور الإعدادي يغادرن التعليم بشكل ملحوظ ، تجاوز في الهند نسبة 84الى 96% ما بين 1998و2002 ، كما يشير التقرير الصادر عن البنك الدولي إلى أن 130 مليون شاب ما بين سن 15-24 يجهل القراءة و الكتابة، مما يدفع البنك الدولي إلى التأكيد على ضرورة تأهيل التعليم ليكون في خدمة السوق ، والتأكيد على ربطه بمتطلبات السوق حيث تعاني أكثر من 20 في المائة من الشركات العاملة في بلدان مثل الجزائر وبنغلاديش والبرازيل والصين واستونيا وزامبيا من ضعف مؤهلات العمال لديها وتعتبره "عقبة رئيسية أو شديدة أمام عملياتها." تتسع قاعدة المتعلمين لتصل إلى مليار سنة 2000 تتوزع بين 80مليون طالب و 70 مليون مدرس بنفقات تصل تكلفتها إلى 2000مليار سنة 2002بما يعادل 5%من الناتج الداخلي الخام العالمي.

تحدد مجموعة التعليم التابعة للبنك الدولي مهامها في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إستراتيجية عملها على تحقيق(8): (ا) الاستكمال الشامل للتعليم الإجباري الجيد النوعية؛ (ب) معايير أداء للإنجاز الخاص بالتعلم تتيح التنافس الدولي؛ (ج) فعالية النظام التعليمي في تكوين رأس المال البشري ينشئ تلاحما اجتماعيا لدعم تنمية مجتمعات أساسها المعرفة؛ (د) معلومات تتصف بالشفافية حول التعليم؛ (ه) أساس مالي قابل للاستمرار للتعليم.

وفي ترجمة عملية مصاحب لهده الأهداف يرى فرانسوا بورغينون، النائب الأول لرئيس البنك الدولي لاقتصاديات التنمية ورئيس الخبراء الاقتصاديين،أن اغتنام اللحظة التاريخية من شأنه إتاحة :"فرص عظيمة ما دامت لدى البلدان قوة عاملة أكبر حجماً تتمتع بمستوى مهارات أعلى ولديها عدد أقل من الأطفال. ولكن ينبغي إعداد هؤلاء الشباب إعداداً جيداً حتى يمكنهم من العثور على فرص عمل جيدة."وهي نفس الغايات التي أسطرها البنك الدولي سنة 1995حينما وجه اهتماماته إلى التعليم العمومي قائلا: "ستستمر البلدان التي ستعتمد إطارا قانونيا للتعليم الجامعي من شأنه فتح المجال بشكل أكبر أمام تدخل القطاع الخاص في الحضي بالأولوية".(9) إنها عبارات توحي إلى ما لضرورة نبد أي سياسة تعليمية مستقلة لفلسفة السوق العالمية وتوجهات المشركات المتعددة الجنسية في تسليع الثقافة و الفكر و المعارف الإنسانية .

تأتي هده التصريحات ليس بهدف تنشئة جيل متعلم حامل لقيم إنسانية كونية، بل انطلاقا من الضرورة الملحة لرفع الإنتاجية إلى أقصى معدلاتها بنسبة تصل إلى 1.3%.سنويا ، تجعل الجيل المتعلم أكثر قدرة على التأقلم مع كافة الأوضاع الاقتصادية و التطورات التكنولوجية في تكثيف آلة الإنتاج و تخفيض الكلفة (تعاني 88%من العاملات في شركة أمريكية نقلت إنتاجها إلى اندونيسيا من سوء التغذية واضطهاد الحقوق تنتج أحدية لا تتجاوز قيمتها 12سنتا ليعاد بيعه ب80 دولار أمريكي في الولايات المتحدة).في حين سيجد أبناء المعدمين و الفقراء أنفسهم خارج أي إمكانية للتعليم العمومي بفعل التراجع عن مجانيته أو إفراغه من أي مضمون حقيقي يهدف إلى تربية الأجيال على قيم الاستقلال، "لم يبق للسلطات العمومية سوى تأمين التعليم لمن لا يشكلون سوقا مربحة حيث ستتعرض نسبة كبيرة منهم للإقصاء من المجتمع بشكل عام..."(10)

إزاء منطق الأرباح هدا ، تكالبت المؤسسات المالية لتسن قانونها الجديد القاضي باعتبار التعليم سلعة تستوجب إلغاء الدعم الحكومي الذي يصل متوسطه العام ع في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ما يعادل 5 في المائة من إجمالي الناتج المحلي ، عبر سلسلة من الاتفاقيات الدولية (11):

1- منظمة التجارة العالمية (OMC): GATT 94 (الاتفاق العام حول التعريفات الجمركية والتجارة): تخص ميدان البضائع.- ADPIC (مظاهر قوانين الملكية الفكرية المرتبطة بالتجارة).- AGCS. تصنف الخدمات ضمن لائحة من 12 فئة يحتل التعليم فيها الرتبة الخامسة ويطلب من الدول الأعضاء أن تقدم طلبات لتحرير أكبر عدد ممكن منها مع الالتزام بتفعيل ما تنص عليه الاتفاقية ..

2- البنك العالمي: يسطر البنك العالمي في وثيقة له سنة 1998 قدمها خلال المؤتمر العالمي لليونسكو حول التعليم الجامعي، الإجراءات اللازم إتباعها: إلغاء الحواجز القانونية ونزع الضبط من أجل تسهيل عملية التحرير: - تشجيع تموين القطاع العام من طرف القطاع الخاص. - تحميل جزء من النفقات للمستفيدين (رسوم التسجيل بالنسبة للتعليم الجامعي). - التخفيض من الإعانات العمومية (إلغاء منح التعليم العالي).

3- ـ منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية OCDE: عمل خبرائها على تفعيل قوانين AGCSمن خلال دفع الحكومات على تحمل التخلص من نفقات القطاعات العمومية : نقل ، خدمات ترفيه ، تعليم ، صحة ، سكك حديدية نتجت عن هده السياسات .

إن هده السياسات اظافة إلى الواقع المتردي للسياسات التعليمية المتبعة ، أدى إلى إهدار للموارد البشرية وضرب لاستقرارها وجعلها عرضة للتخبط بين المناهج التربوية الغير المتكافئة مع قيم السوق وبين متطلبات التنمية البشرية الحقيقية ، بين ما يشير إليه التقرير الصادر عن البنك الدولي و الذي ينصح : " دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا أن تتناول نوعية النتائج التعليمية ومعالجة عدم التناسق في المهارات الذي تساهم في خلق اختلالات في سوق العمل " حاصرا الخلل في " المركزية المفرطة في إدارة التعليم و التقييم النادر للأداء و الترقية المعتمدة على الأقدمية لا على الأداء" وبين سياساته المعتمدة في التقليص من النفقات العمومية وتسليعها حيث تعتبر الشركات الكبرى أن سوء مهارات العمال يؤثر في توظيفهم و في مردوديتهم الإنتاجية .

4- إفريقيا الديون: تنمية اجتماعية أم انفتاح على سوق مدمر:

أ- إن الحديث عن تنمية اجتماعية حقيقية فيها جودة الخدمات العمومية، مبنية على دعم القطاع الخاص من خلال الانفتاح على الأسواق الأجنبية،واستمرار الدولة في تخفيض الميزانيات العمومية لم يزد إلا في تعميق الأزمات الاجتماعية وانعكاسها (12) على ساكنة بلغ معدل نموها في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا 3.4%سنة 1985 لينحصر في 2.2% في منتصف التسعينات ، بمعدل ارتفاع لليد القادرة على العمل ستصل إلى 40%في أفق 2020 ،في سياق يحرم فيه مائة وثلاثين مليون طفل يشكلون 50 في المائة من السكان بنسب تمثل ثلث أطفال العالم من التلقيحات الأساسية ضد الأمراض الفتاكة ،تضطر فيها العوائل المعوزة اصطحاب المواد الأساسية للتطبيب في مستشفيات اقل ما يقال عنها أنها أوكار للأمراض بحد ذاتها ، كما يضطر فيه 42%ساكنة مدغشقر إلى قطع خمسة كلمترات للوصول إلى مراكز الاستشفاء ، بتكلفة في تصل في زيمبابوي إلى 257% التطبيب والمعاينة ،وتفقد فيها النساء وليدها من أصل 5 ولادات بالمقارنة مع الدول المتقدمة 1مقابل125 وليد..، ، هدا وقد ارتفعت حالات الإصابة بالكوليرا سنة 1999 إلى 200.000حالة وبائية تسببت في وفاة 8700 شخص وفقد العالم 22مليون شخص نتيجة مرض فقدان المناعة المكتسب في حين بلغ عدد المصابين 40مليون مصاب بالفيروس 75% من إفريقيا جنوبي الصحراء،يستلزم العلاج للفرد الواحد 300دولار سنويا .تسبب مرض الملاريا في سنة 2000بموت 900.000 شخص بإفريقيا من أصل مليون من ضمنهم 700.000 طفل دون سن الخامسة.

وفق تقرير أعدته اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لإفريقياECA تشهد إفريقيا نزيفا من حيث هجرة الأدمغة بلغ هجرة 23 ألف عالم إفريقي سنويا إلى ما وراء البحار ،كما خسرت ثلث العاملين دوي المهارات الفكرية و تعاني من خصاص شديد على مستوى الاساتدة الجامعيين ، كما أن معدل الشباب - حسب منظمة اليونسكو – المسجل في التعليم الثانوي بإفريقيا جنوب الصحراء يعد ضعيفا ، كنتيجة لسياسات التقويم الهيكلي التي حورت مهام التشجيع العلمي و دعمه المادي و الاستعاضة عنه بضبط التوازنات المالية و الضغط على ميزانيات الإنفاق العمومي إلى حد الانفجار. كما أن إفريقيا تنتج مايقارب70% من المواد الأساسية الخام دون إعادة معالجتها.

ب- بالرغم من نتائج سياسات التقويم الهيكلي الكارثية(على مراكز الاستشفاء و الرياضة ودور الثقافة والشباب و المؤسسات التعليمية والترفيهية ...).لا زال البنك الدولي يصر على الحديث عن طفرة في معدلات النمو الاقتصادي المرتفعة بنسبة 5,6% مقابل 3.6%في التسعينيات ، وعن غد أفضل يكون فيه الشباب الدافع بعجلة الانفتاح على الاقتصاد العالمي ، وقد سجلت الإصلاحات المعتمدة في بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا أعلى نسبة من الإصلاحات(13) بلغت 25 إصلاح في موسم 2006-2007 احتلت فيه المرتبة الرابعة بعد أوروبا الشرقية واسيا الوسطى وجنوب آسيا ، تناولت تبسيط إجراءات بدء النشاط التجاري، وتدعيم حقوق الملكية، وتعزيز وسائل حماية المستثمرين، وزيادة إمكانية الحصول على الائتمان، وتيسير الأعباء الضريبية، وتسريع وتيرة التجارة عبر الحدود وتخفيض تكاليفها. وبصفة عامة، جرى اعتماد 200 إصلاحٍ ذي أثر إيجابي في 98 بلداً ،حصلت فيه مصر التي تعاني اليوم أزمة اقتصادية خانقة على أعلى نسبة من الاصلاحات حيث عملت على تخفيض الحد الأدنى لرأس المال اللازم لبدء النشاط التجاري من 50 ألفاً إلى ألف جنيه مصري و تخفيض رسوم تسجيل الملكية من 3 في المائة من قيمة الأملاك العقارية إلى مبلغ ثابت ومنخفض ، وقد استطاعت مصر الوفاء بالتزاماتها اتجاه مؤسسات بروتن وودز الموقعة سنة 1991 والقاضية بالتخلص من النفقات العمومية حيث لم يحض قطاع الصحة في ميزانية سنة 1995 سوى ب 1.4%مقارنة بميزانية 1966التي احتلت فيه 5.1% ، و بلغ معدل وفياتها من الأطفال 69الف سنة1999، لتليها اندونيسيا التي بلغت 42 الف حالة وفاة ، في حين يحاول المغرب اليوم عبثا المضي في سياسات الاصلاحات الكبرى ، حيث قام بإنشاء مجمع الخدمات الموحد لإصدار تراخيص البناء، مما أدى إلى اختصار فترات التأخير بالنسبة لشركات البناء بواقع 10 أيام. كما قام بتبسيط إجراءات التخليص الجمركي عن طريق تبني نظام التفتيش المستند إلى المخاطر.

إن هده الإصلاحات وغيرها تدعي المؤسسات المالية أنها ستكون مدخلا أساسيا في تحقيق تنمية مستدامة عبر : التحوّل من اقتصاديات يهيمن عليها القطاع العام إلى اقتصاديات يقودها القطاع الخاص، ومن اقتصاديات يهيمن عليها النفط إلى اقتصاديات مُنوّعة، بغرض تحقيق معدلات نمو مرتفعة في:

- تنمية الموارد البشرية وتامين مستقبل الأطفال.

- تحقيق الاستقلال الذاتي للشباب وتامين مستقبلهم الفردي.

- تحسين الخدمات و المعارف .

ج‌- في الوقت الذي يربط فيه البنك الدولي تحسين أوضاع الشباب بالإجراءات الحكومية في تشجيع استقبال الاستثمار الأجنبي ، تكون الديون من جهة أخرى الأغلال المسيجة لقدرات الشعوب في التنمية الحقيقية ، و المعرقل لأي محاولة لضمان الحد الاذنى من شروط الحياة، فعلى مدى سنوات من السياسات العنصرية ،عملت الرأسمالية العالمية على ربط سياسات الحكومات الفاسدة باختياراتها الدموية ،فكلما اتجهت الشعوب نحو تحسين أوضاعها الاجتماعية واستثمارها لمواردها البشرية، ، كلما سعت المؤسسات المالية إلى ضمان تبعيتها وارتشاء حكوماتها بالديون للحد من استقلاليتها:(14): ففي سنة 1960 كانت ديون بلدان العالم الثالث تقارب الصفر بعد عشر سنوات بلغت 2.5ملياردولارثم 38 مليار سنة 1980تستحود الجزائر وحدها13.5ملياردينا 41%منها بالدولار .أما المغرب فقد وجد نفسه أمام دائنيه ملتزما بتسديد ديون توزعت بين 52%من العملة بالدولار و26%فرنك فرنسي سيسدد ثمنها الأجيال الحالية و القادمة .

ح‌- إن التطلع إلى نمو اقتصادي شبيهة بما بعد الحر ب العالمية الثانية أصبحت مستعصية حتى على البلدان الصناعية ، وهو ما يؤكده هورست افهيلد (15)" تذكرنا تصرفات علماء الاقتصاد و السياسة الاقتصادية و الصحافة المختصة بالشؤون الاقتصادية بعرقوب ومواعيده ، فهؤلاء جميعا يترقبون من يوم إلى آخر بشائر ازدهار النشاطات الاقتصادية ..مطمئنين أنفسهم الأمل في أن يحل انتعاش النشاط الاقتصادي المشاكل الرئيسية الناجمة عن انتقال بعض المصانع إلى خارج البلاد وعن تفاقم البطالة و المديونية الحكومية أشبه ما يكون بتنفيذ الوعد الذي قطعه عرقوب على نفسه "من ثم فان البطالة أضحت لا تتهدد مجتمعات البلدان النامية فقط بل حتى الصناعية ، وكلما اتجهت الحكومات المتقدمة إلى بلورة سياسات رفع المستوى المعيشي لأبنائها كلما اتجهت نحو تقنين الهجرة و نقل مؤسساتها الصناعية و الإنتاجية إلى البلدان النامية للحد من تسرب اليد العالمة و للمزيد من تكثيف الاستغلال باجر اقل و يد عاملة غير مقننة ومتاحة وهو نفس التأكيد الذي أعلنته منظمة التعاون الاقتصادي و التنمية OECD حيث أشارت إلى أن معدل البطالة يرتفع بموازاة مع تحرير التجارة العالمية : ارتفع في دول الأعضاء من متوسط يتراوح ما بين 8 إلى 10 ملايين عامل بين سنة 1950و1973 الى متوسط تراوح بين 30و35 مليون عامل في فترة 1995و2000، بمعنى أن معدل البطالة ارتفع من 7 ملايين إلى 28 مليون في نفس الفترة. في حين ارتفع بشكل صاروخي في البلدان النامية غداة تفكيك الوظيفية العمومية وتجميد الأجور وتفكيك قوانين الشغل لصالح القادمين الجدد من رؤوس الأموال المتنقلة و الغير القارة في بلد ما ، وحسب الخبراء فان بعد أربعين سنة لن يكون في وسع البلدان المتقدمة استقطاب يد عاملة مهاجرة ادا ما أرادت ضمان استقرارها الاجتماعي وضمان الحد الأدنى من الرفاهية لأبنائها ، انطلاقا من كون مبرر الحاجة إلى يد عاملة قد انتهى بتحويل المعامل و المصانع و الشركات الى عقر البلدان النامية التي لا تضمن حقوق مواطنيها .وهو ما يؤكده التقرير الصادر عن منظمة العمل الدولية IAO الذي رصد ظاهرة تشغيل الأطفال و الشباب من قبل الشركات المتعددة الجنسية .

في المقابل تستمر الحكومات الإفريقية في تبني سياسات ضد شعوبها ، وتنظيم قمم ومشاورات ومبادرات لا تعكس مشاريع عمل اقتصادية واجتماعية مستقلة (16)لم يكن خلف مضامينها إلا ما ورد في البنك الدولي حيث تتخوف جنيفر كلر كبيرة مؤلفي تقرقر البنك الدولي 2006 من عدم استثمار فرصة النمو الهائل في اليد العاملة " من حيث معدلات النمو وخلق فرص العمل اللازمة في العقدين القادمين من السنين. ولذلك، من المهمّ جداً فهمُ ما إذا كانت منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تقوم بتنفيذ التصويب اللازم في التوجّه للتصدّي لهذه التحدّيات".وهو ماعكسته اتفاقيات الشراكة الإفريقية من خلال : ضمان التنمية المستدامة عبر شراكة المجتمع المدني – محاربة الفقر- وقف تهميش أفريقيا في مسار العولمة وزيادة اندماجها في الاقتصاد العالمي على نحو كامل ومفيد حيث جرى سنة 1994' تخفيض الفرنك الافريقي مقابل الفرنك الفرنسي ب 50%مما انعكس سلبا على البضائع حيث اصبحت قيمتها مضاعفة ،... بل تتكفل الدول المستقبلة للرساميل : بإنهاء الصراعات و السلام والأمن من اجل المزيد من تخصيب أرضية استقبال تدفقات الاستثمار إلى بلدانها – تكريس الديمقراطية المؤسسية – سن سياسات التعاون الإقليمي فيما بينها - إصلاحات السياسات وزيادة الاستثمار في القطاعات التالية: الزراعة – الموارد البشرية – البنيات الأساسية – تنويع الإنتاج و الصادرات- البيئة .

د- في سنة 1998 نهج البنك الدولي سياسة دعم المنظمات الغير الحكومية بشروط ضمنية :- العمل على تفعيل برامجه- رفع معد التنمية البشرية – مساعدة الحكومات في مهامها الاجتماعية – التسويق لإعلام العولمة المأنسنة- إنسانيا – بلغ عددها حسب 3500 منظمة سنة 2004 (17) تقدم الدول الغنية لها مساعدات حكومية الهدف منها الرفع من معدل التنمية البشرية ، والمساهمة في بناء مجتمع مدني ، و التخفيف من حدة الفوارق الاجتماعية وضمان الاستقرار الاجتماعي من خلال صيغة محاربة الفقر بهدف إعانة الدولة على الانسحاب من النفقات العمومية بشكل تضمن الجمعيات الخيرية و التنموية الكفة المعدلة للتوازنات ، في حين إن ما اصطلح عليه مساعدات هو في حقيقته شكل آخر من الديون الغير المباشرة ، لا تحتسب مجانا إلا أن فوائدها رمزية ومشروطة ب : الارتهان بشروط المساعدة أي الانضباط لسياسات التقويم الهيكلي – شرط الديمقراطية وهو شرط وهمي بالنظر إلى أن القروض في غالبيتها لا تمنح إلا للحكومات الموالية و التبعية ..ويرى غابي ماير (18) انه كلما توافرت في إفريقيا شروط النفوذ إلى السلطة كلما اتسعت حظوظ تحسين الأوضاع الاجتماعية للنافدين ، وهكذا فقد جرى في كينيا غداة تولي جومو كينياتا الحكم ، ارتفعت أسهم المتطوعين في جمعية GEMA مهتمة بقضايا التكافل الاجتماعي .

المراجع :

1-التقرير الصادر عن البنك الدولي لسنة 2007حول التنمية بسانغفورا حول التنمية و الجيل الثاني : يقول ماني جيمينز، المؤلف الرئيسي لهذا التقرير، ومدير وحدة التنمية البشرية في إدارة شرق آسيا والمحيط الهادئ بالبنك الدولي.

2-تقريرالامم المتحدة المتعلق بالشباب 2006 حسب إحصاء 2005.

3- دراسة لكلاوس شيفر نشرتها مؤسسة فريدرك ابيرت الخيرية في 1998.

4- كتاب خدعة الديون لمؤلفيه إيريك توسان و داميان مييه : مطبعة دار الطليعة الطبعة الاولى

5- تقرير البنك الدولي سنة 1995

6- تقرير البنك الدولي مجموعة التعليم في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا على موقع Permanent URL for this page: http://go.worldbank.org/JUN6DUCEV0

7- تقرير الاستثمار العالمي لسنة 2007الصادر عن مؤتمرالامم المتحدة للتجارة والتنمية : الشركات عبر الوطنية و والصناعات الاستخراجية والتنمية

8- تقرير ممارسة أنشطة الأعمال 2008 : وهو الخامس في سلسلة من التقارير السنوية التي يصدرها البنك الدولي بالاشتراك مع مؤسسة التمويل الدولية. تجدر الإشارة إلى أن تقرير ممارسة أنشطة الأعمال 2008 يقوم بترتيب 178 بلداً في قائمة سهولة ممارسة أنشطة الأعمال. أنجز بالاعتماد على جهود أكثر من 5000 شخص من الخبراء المحليين - ومستشاري الأعمال والمحامين والمحاسبين والمسؤولين الحكوميين والأكاديميين البارزين حول العالم http://www.doingbusiness.org

9- تقرير البنك الدولي سنة 1995

10- تقرير البنك الدولي سنة 1996

11- للمزيد من الاطلاع اقرأ مقال: المدرسة العمومية في مهب العولمة : صدر بجريدة المناضل العمالية العدد 16مايو 2007.

12- eric toussaint :banque mondiale le coup d etat permanent

agenda cache du consensus de washington edition CADTM 2005 page120-274

13- العمل و النمو وإدارة الحكم في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا : أطلاق القدرة على الازدهار : صادر عن مؤسسة البنك الدولي http://go.worldbank.org/JUN6DUCEV0

14- damien millet:l afrique sans dette editions CADT:juin 2OO5page 43

15- هورست افهيلد ::"اقتصاد يغدق فقرا"بالاعتماد على مؤلفه سنة 1993" رفاهية لا احد ينعم بها" إصدارات عالم المعرفة العدد 335يناير2007 ترجمة عدنان عباس علي ص 38

16- الشراكة الجديدة من أجل تنمية أفريقيا مؤتمر القمة السابع والثلاثون لمنظمة الوحدة الأفريقية في لوساكا، زامبيا، في تموز/يوليه 2001أنشأ الأمين العام مكتب المستشار الخاص لشؤون أفريقيا لزيادة الدعم الدولي للشراكة.

17- في عام 1999، نشر مكتب المنسق الخاص لشؤون أفريقيا قائمة دليل للمنظمات الغير الحكومية

18- مقال لغابي ملير نشر بتاريخ 21-10-2002 غداة تقديم مراجعته لكتاب " المجتمع و الدولة في إفريقيا " ل غيرهارد هاوك.



ليست هناك تعليقات:

ادب المقاومة و المقاومين

صورتي
مراكش, في كل نقطة حمراء, Morocco

موجة حر

موجة حر
تستمر حملة التضامن مع بارا ابراهيم المعتقل : كاتب المجموعة المحلية لاطاك افني